مثير للسخريه والشفقه !


[ ايه العنوان ده اسمها الطبعه الحاديه عشر وادب ايه والكاتب لا يعرف لغه الادب العربى اتمنى انك تراجع عنوانك لانه بجد مثير للسخريه والشفقه ! ]

* * * * * * * * * *


كان هذا تعليق الصديق الذى شعر بالسخرية و الشفقة ، طبعا تأنيت على كتابة تلك التدوينة ، لأنى أردت ألا أرد إلا بعد أن تزول منى أدنى مشاعر ضيق ..



الواقع - فى البداية - أن فكرة اشتراكى فى جروب لكتاب جديد لكاتب لم أسمع به من قبل ، و كتاب لم أقرؤه بعد ، لمجرد تسجيل اعتراضى على العنوان ؛ فالأمر هنا هو الذى يبدو مثيرا للسخرية و الشفقة ! فالمعترض يسجل نفسه فى جروب أدبى أو ثقافى ( لأنه بكل بساطة عن كتاب و ليس عن حماية أموال الضريبة العقارية ! ) و رغم هذا فهو لم يكلف خاطره بالإنتظار حتى يقرأ الكتاب ، أو يعرف شيئا عن باقى كتابات المؤلف !!

أما المثير للشفقة بحق أنه يعترض على جملة ليست خادشة للحياء أو خارجة مثلا ، ففضولى سيكون كبيرا لمعرفة رأيه فى عنوان - مثلا - الكتاب الساخر الممتع ( حمرا ) !!!! ترى ما الذى سيقدم عليه فى حق كاتبه ؟!!

و لو تغاضينا عن أنه لم يقرأ الكتاب بعد لأنه لم ينزل السوق حتى هذه اللحظة ، و لم يقرأ الكلمة التى تلى ( أدب ) تحت العنوان و هى ( ساخر ) و هو بالمناسبة تعريف وضعه الناشر ، فكيف يمكننا التغاضى عن جهله و جهل البعض من القراء بالأدب الساخر عموما و فنياته و دوافعه ..

الأدب الساخر تنطوي تحته - لكل من لا يعرف و لكل من يريد أن يعرف - أنواع: فهناك الشعر الساخر، القصة الساخرة والخاطرة والمقالة الصحفية الساخرة، وكلها طرائق متعددة لقول ما يشغل بال الكاتب في الحياة من حوله، ليتناول التناقضات في المجتمع، الممارسات السلبية، الأحداث والشخصيات السياسية، المشاكل الإجتماعية وحتى النفسية والمادية، وغيرها من المواضيع التي لا تنتهي.

الأدباء الساخرين الكبار استخدموا اللغة العامية فى الغالب مثل : أحمد رجب من مصر، محمد الماغوط، وزكريا تامر وشريف الراس من سوريا، إميل حبيبي ومحمود شقير من فلسطين ومن السعودية أحمد قنديل، لهؤلاء المكانة الأبرز عربياً في الكتابة الساخرة، وأسماؤهم لمعت وعرفت من خلال ما قدموه لهذا الأدب.

الصديق الذى تسرع و انتقد كتابا لم يتعرف عليه و لم تصافحه عيناه و لم يلقى عقله عليه السلام ، و لكل القراء الأعزاء و أقول الأعزاء لأن القارئ الحقيقى أصبح عملة نادرة سيتغنى بها الشعراء قريبا ، اليكم تعريفا جميلا و بسيطا للأدب الساخر : من أساس تعريف الأدب الساخر أنه الخلطه السرية بين اللغة والمفردة والحكاية الشعبية ، أى أن اللغة العامية تكاد تكون مطلوبة أو على الأقل المفردات التى نعتقد أنها عامية مثل ( نسوان ) و هى فصحى أصيلة ..

الكتابة الساخرة قرائنا الأفاضل هي موهبة بالدرجة الاولى، ثم تنميها المهارات، كم تدرس وكم تعتني بمفردتك وكم تشتغل عليها، لكنها بالدرجة الأولى موهبة، فيجب أن تكون لديك بوادر كتابة ساخرة .. الأدب الساخر هو أسلوب من أساليب التعبير مثلها مثل أي شكل آخر من حيث فائدته لمن يستمع أو يقرأ، تقدم المعرفة وتقدم المفارقة ولكن ما يميزها بالأساس أنها تقدم الضحكة والابتسامة فيشترط في الكتابة الساخرة أن تثير مفارقة تدعو الى الضحك ..

جذور السخرية في العصر الحديث معروفة للجميع ، فالأستاذ عباس محمود العقاد كان أول من قرأ المؤلفات الغربية، وحاول الكتابة لأول مرة عن ملكة السخر عند المعري، وقد صدرها بهذا السؤال: لم يسخر الإنسان؟ وكان بدؤه الكتابة في الموضوع سنة 1902 في "خلاة اليومة" ثم كتب عدة مقالات نشرها في كتابه مطالعات. ثم كتب الشيخ عبد العزيز البشري مقالا عن "مرد النكتة" سنة 1927 عقب عليه العقاد بمقال طريف عن رأيه في النكتة ثم جمع آراءه في الضحك والسخرية وما يتصل بهما في كتابه "جحا الضاحك المضحك" وصدره بمقدمة طريفة عن النكتة المصرية في أثناء كلامه عن طبيعة الأمة المصرية في كتابه "سعد زغلول" فقسم النكتة إلى "نكتة دعابة ونكتة تهكم".

وكتب بعده المرحوم الدكتور عبد اللطيف حمزة مقدمة لكتابه "حكم قراقوش" تحدث فيها عن المزاح أو الهزل Comipee والفكاهة أو التندر Humeur واللذع أو التهكم Ironie وقد ذكر فيها أمثلة غير قليلة من الأدب الأجنبي والأدب العربي وحاول محاولة لا بأس بها التعريف بكل مصطلح مما سبق، غير أنه لم يترجم المصطلحات الأجنبية الفنية ترجمة دقيقة فإن التندر وهو الاستهزاء والسخرية غير ذكر النوادر والفكاهات الذي يعنيه الاصطلاح اللاتيني Humour وكذلك فإن المزاح لا يمكن أن يوضع ترجمة لكلمة Comipuv وللدكتور حمزة تكملة لكتابه السالف أصدره سنة 1954 بعنوان: "ابن مماتي" أضاف إليه كثيرا من السخريات المختلفة في موضوعات شتى في الآداب الأجنبية.

ولقد أفرد الأستاذ أحمد عطية الله الضحك بكتاب خاص أطلق عليه "سيكولوجية الضحك".

وألف الدكتور شوقي ضيف كتابه "الفكاهة".

وظهر في نفس العام كتاب "كتاب سيكولوجية الفكاهة والضحك" للدكتور زكريا ابراهيم.

ثم صدر في سنة 1960 كتاب "أسلوب التهكم في القرآن الكريم".

وأخيراً صدرت مجلة الهلال عددا خاصا عن "الفكاهة" سنة 1966


من صور السخرية: التصوير المبالغ فيه (الكاريكاتوري) وهو وضع الشخص في صور مضحكة: كالمبالغة في تصوير عضو من أعضاء الجسم ومحاولة تشويهه إلى حد ما، بحي يجعل الشخص كأنه لا يدرك أو يعرف إلا بهذا العيب الذي جسده وكبره.

و الكاريكاتير فن عظيم و هو يجمع بين الأدب الساخر و الرسم ..


ولا يكتفي المصور الكاريكاتوري رساما او كاتبا بتصوير الشذوذ الخلقي، بل يتخذ من السلوك الشاذ مادة خصبة لسخريته: كالمجانين والبله والمفكرين ذوي الآراء الجريئة التي لم يألفها المجتمع، وكذلك شدة النسيان. وقد اعتمدت الكوميديا زمنا طويلا على هذه الظاهرة، فشاع في القرن السادس عشر ما كان يعرف بمسرحية كوميديا الأمزجة Comedy of Humours وفيها يعرض المؤلف شخصيات ذات عادات نابية تستثر الضحك لغرابتها.

وقد يكون التصوير مضحكا ساحرا بسبب الألفاظ ذاتها إذ هي التي تبعث على الهزء والسخرية لرنينها وتنافر حروفها، أو لأنها قوية التعبير عن نفسية الذي يصور أو يمسخ أو يحاول التعبير عنه.

ومن صورها: السخرية عن طريق التوريه أو (السخرية التراجيدية) Irony وهي العبقرية التي تجعل شخصا من الأشخاص يستعمل ألفاظاً تعني شيئا ما بالنسبة إليه، وشيئا آخر بالنسبة للنظارة العارفين بالحقيقة كمن يقول لأعداه مقدما إليهم طعاما مسموما: طعاما هنيئاً يا سادة.

ومنها : السخرية عن طريق الصور الملفقة المضحكة أو ما يسمى بالادعاء أو الدعاوي الكاذبة، ومنها اختراع النوادر والنكت وإضافتها إلى أغنياء الحرب ومحدثي النعمة والقرويين السذج الذين زاروا المدينة لأول مرة مثلا، فمن أمثلة السخرية بالقرويين والتشنيع عليهم أن قرويا زار القاهرة، فسأله زميل له مختبرا: على ذلك فأنت تعرف الترام والمترو! فأجاب القروي: كيف لا، وقد أكلت منهما كثيرا. وكذلك التندير "التشنيع" على الأطباء والمعلمين وغيرهم من ذوي الحرف المختلفة ومحاولة تسديد سهام النقد إلى ناحية من نواحي النقص التي عرفت عنهم.

وكذلك يهاجم الساخر الجبان والمتطفل والمتسول وكل العيوب الاجتماعية الأخرى بالمبالغة في وصفها واختراع الصور المبالغ فيها. وفي كتاب البخلاء للجاحظ أمثلة طريفة.

الصديق المعترض لم أخترع أنا الأدب الساخر و لم أخترع الكتابة بالعامية و لو عرفت كل أنواع الكتابة الساخرة و الصيغ المتعددة كصيغة النهى مثلا لظللت أسبوعا كاملا تقرأ ، و لإحتجنا الى ثلاثين تدوينة متواضعة مثل هذه ، و أحب أن أختم بأن للسخرية أو الميل إلى إثارة الضحك بواسطة الصور المضحكة جذور عميقة في الطبيعة البشرية، وهي من أقدم المواهب الفطرية التي مارسها الإنسان في مجتمعه البدائي غير المهذب، وولوع الإنسان بالضحك والهزء والفكاهة، وفطنته السريعة إلى كيفية إثارتها قد شملت البدائيين، وقد ظهرت بوضوح في علاقات بعضهم ببعض من قديم الزمن وحتى قبل أن يصقل الإنسان أدب أو فن، كان رئيس القبيلة البدائية يجلس في كوخ محاطا بالمحاربين من قبيلته، وكانوا يسلون أنفسهم ويتلهون بتناول أعدائهم وخصومهم بالهزء بهم: فكانوا يضحكون من ضعفهم ويتبادلون النكات بما يجنون فيهم من نقص أو تشويه، سواء كان هذا النقص عضوياً، أو في عقلهم وحيلتهم، ويطلقون عليهم ألقابا مضحكة، وهم يقصدون من وراء ذلك أن يهزأوا بهم بالألفاظ أو بأن يلفقوا عنهم الحكايات التي هي في عداد الأشياء التي تثير انبساط أساريرهم وضحكهم.

ثم انتقل الإنسان القديم إلى مرحلة تالية في هذا الفن: بأن بحث عن وسيلة يكسب بها هزءه صورة أكثر بقاء وخلوداً، فأخذ يرسمها على الصحف المكشوفة، أو على أي سطح لين رسما ساذجا.

ثم عرف هذا الفن عند كثير من الأمم القديمة: المصريين والإغريق والرومان والهنود والوثنيين والمسيحيين. وقد وصلت آثار أدبية ساخرة عن أرستوفان أعظم مؤلفي الكوميديا الإغريقية كالضفادع وغيرها. وكان الكتاب الساخرون دائما رواد الحركات الإصلاحية في التاريخ فاشتهر سقراط منذ القدم بطريقته الساخرة وهي التباله أو ادعاء الجهل ومحاولة إثارة الموضوع الذي يتكلم في أو يناقشه بهذه الطريقة، وأصبح من ذلك الوقت علما على هذه الطريقة في هذه الفلسفة Socratic Irony أما هؤلاء الذين تقدموا النهضة الأدبية – ومن ثم الاجتماعية والسياسية – في أوروبا، وفتحوا عصورا جديدة في تاريخ شعوبهم بل تاريخ النهضة الانسانية فهم رابليه الفرنسي ( 1490 – 1550 ) وسرفانتس الاسباني (1547 – 1616 ) أما الثورة الفرنسية فقد قدم لها ومهد المصلحون الساخرون وعلى رأسهم فلتير 1694 – 1778 .

طلب أخير لكل من لا يعرف الأدب الساخر : هل تعرف شيئا عن ( ابن المقفع ) ؟ إذا اقرأ .. لتعرف ..

تعليقات

‏قال عاشق
يا عصام لما واحد زى دا يتكلم

صدقنى


أنت هتضيع وقتك فى الرد

وممكن تستثمره فى كتابة قصة أو مقال

تحياتى
‏قال عصام منصور
محمد معايا ؟ عاشق المنتدى ؟
عموما عندك حق و شرفت المدونة و اتمنى يبقى ليك حساب على الفيس عشان يبقى التواصل أسهل :))
‏قال عاشق
أى نعم هو

أنا عندى حساب وطلبت صداقتك ومشترك معاك فى الجروب كمان
‏قال عصام منصور
طيب يا حبى أنا هادور عليك على الفيس :)

المشاركات الشائعة