هاتولنا العار !
فى شهر ( رمضان ) كانت
هناك مسلسلات كثيرة بشكل تجاوز كل الأعوام الماضية ، و بالطبع خرج على الفور من
ينتقد هذا الإسفاف من وجهة نظره ، خالطا الحابل بالنابل معتبرا أن مسلسلات تنويرية
كـ ( سقوط الخلافة ) و ( القعقاع بن عمرو ) و ( شيخ العرب همام ) تدخل فى قائمة
الإسفاف !
بلا شك تحول الفن الى هجمة
على حساب عبادات الشهر الكريم شئ بشع و يندى له كل جبين وراءه عقل ، بيد أن
القنوات الدينية موجودة على الأقل ، و يمكن لكل من يمتلك جهازا نحيلا يعمل بـ (
بطاريتين قلم ) أن ينشغل بها ، طالما بث فينا المنتقدون اعتقادا راسخا بأن
المسلسلات تفتح فى البيوت على الرغم من قاطنيها ! لكن الحقيقة أن المسلسلات لا
تعمل إلا باختيارنا نحن ، أى أنها ليست قرارا حكوميا يسرى على الجميع بالإكراه ،
كفواتير المياه و الكهرباء التى ( نحلت وبرنا ) !
و على هذا يمكننا باطمئنان
أن نتناول بعض المسلسلات دون قدر كبير من تأنيب الضمير ، بعد أن فهمنا أننا من
نشعل التلفاز و أننا من نختار عامدين متعمدين قنوات المسلسلات ، أو أننا نجد الوقت
بعد أداء العبادات الواجبة لمشاهدة مسلسلا محترما أو اثنين ، فنبدأ بإلقاء الضوء
على المسلسل المحلى جنوبى الإتجاه شبه التاريخى ( شيخ العرب همام ) .. و هو العمل
الذى يحفل بقيم الصعيد العتيدة المتمثلة فى الكرم و المروءة و الكرامة و الشهامة و
الشجاعة و الإرادة الحرة ، و هى الصفات التى نبحث عنها فى زمننا هذا بلا جدوى على
مستوى الأفراد و الأنظمة ذاتها ، و ليس هذا لأننى صعيدى الجذور لكن لأن قبائل
الصعيد العربية الأصل ، كـ ( هوارة ) و ( بنى عدى ) مثلا كانت تحفل بمجامع النخوة
و أسباب القوة و غاية الغنى و الإستقلالية بالفعل ، ربما تسببت أعمال أخرى ظهر
فيها صعايدة كـ ( موعد مع الوحوش ) و ( مملكة الجبل ) فى وضع صورة نمطية للصعيدى ،
أو وضع صورة ساخرة كما فى ( الكبير أوى ) ، لكن ( همام ) تميز بأنه كان أصل
للصعايدة الحاليين .. أصل ثابت و أسطورة أخيرا عرفها الجمهور ..
ننتقل الى مسلسل مهم
للحاملة للجنسيتين التونسية و المصرية ( هند صبرى ) ، المعنون بـ ( عايزة أتجوز )
و الذى يصنف فى مجال الكوميديا بلا شك ، لذا فالعجب العجاب أن ينتقد كاتب معروف كـ
( فاروق جويدة ) - أحترمه جدا على الصعيد الشخصى - فكرته و يعتبرها قائمة على
السخرية من فتيات هذا الجيل بجريدة ( الأهرام ) بتاريخ 10/9/2010 أول أيام عيد
الفطر ! .. فالواقع أن الحس الكوميدى الطبيعى سيتقبل أى سخرية أدبية و فنية طالما
كانت معقولة ، مما يدل على أن العديدين لم يقرأوا الكتاب المأخوذ منه المسلسل ، و
المأخوذ بدوره عن مدونة لصاحبتها د . ( غادة عبد العال ) ، و الكتاب و المدونة
بنفس اسم المسلسل قد حققا نجاحا معروفا و طيبا للغاية ، بين الشباب و الفتيات
أنفسهن .. و قد أعجبتنى فكرة تحويل مدونة الى مسلسل فى النهاية ، هذا يدل على تطور
جديد فى علاقة الإنترنت بالفن .. و ( علا عبد الصبور ) أو ( هند صبرى ) كانت
محتشمة و غير مفتعلة أو مبتذلة ، و لم تمس كرامتها كفتاة مصرية و هى تقول بملئ
فيها ( عايزة أتجوز ) ، ففى أفلام أخرى و مسلسلات معروفة تقول أخريات و بملئ
أفواههن ( عايزة جنس محرم ) !
المسلسل الأخير الذى أطل
عليه فى هذا المقال هو ( العار ) ، المأخوذ من فيلم بنفس الإسم بطولة ( حسين فهمى
) و ( محمود عبد العزيز ) و ( نور الشريف ) ، حيث أبدع ( أبو زيد ) الصغير فى نسج
الكثير من قماشة ( أبو زيد ) الكبير المخرج القدير ، الأمر الذى جعل الكثيرين
يخصصون الوقت القليل الباقى فى زحمة ( رمضان ) ، لمشاهدة العمل و لو فى الإعادة
المتوفرة جيدا على مدار ساعات اليوم و على عدة قنوات ، بحيث حتى من ينشغل فى صلوات
التراويح و التهجد يمكنه أن يجد المسلسل قبل السحور على قناة أو اثنتين ، و أعجبنى
أداء ( مصطفى شعبان ) عكس رؤية الكاتبة الجميلة ( سالى عبد العزيز ) فى دور (
مختار ) الذى كانت له اللازمة الشهيرة ( إذا كان كده .. ماشى ) ، و كان تتر البداية
خلابا لحنا و كلمات ، و بالطبع انصب هجوم المنتقدين على ما رأوه من فتيات متحررات
فى العمل الذى يتناول كوارث أكل المال الحرام ، و كميات الخمور و المخدرات التى
تدور الأحداث حولها ، و يمكننى أن أتفهم الإعتراض على ظهور العمل فى ( رمضان ) مع
ما فيه من استعراض لمفاسد الأشرار قبل أن يلاقوا مصيرهم و جزائهم العادل فى
النهاية ، أو تعليق كالذى قاله أبى ( بيعلموا الناس ) رغم أن أفكار العمل هى التى تعلمها
الكاتب من الناس حتما ، لكننى لم أفهم مطلقا اعتراض المنتقدين على سبب تضمين العمل
هذه المشاهد ! فمثلا من الإعتراضات الطريفة للغاية قرأت من يرفض أن يتضمن (
الكباريه ) كل هذا الكم من زجاجات ( الويسكى ) !! على اعتبار أنه ينبغى على السادة
مديرى ( النايت كلوب ) أن يقدموا لرواد المكان حلبة حصا و كراوية !!
اعتراضى الوحيد أنه كلما
بدأ المسلسل كنت تجد من يقول فى المنزل ( جيبلى العار يا عصام ) أو ( هاتوا العار
بسرعة ) ..!
13 سبتمبر 2010
عصام منصور
تعليقات