بسكلتة الإنتاج





هناك أزمة اقتصادية بسبب الثورة ، لكن لابد أن نفرق بين التداعيات و النتائج ، فتفتيت الذرة كانت نتيجته العلاج بالنظائر المشعة من السرطان المهلك ، و أيضا انتاج الكهرباء .. لكن كانت نتيجته أيضا القنبلة الذرية .. الإنترنت الذى ترى عبره هذا الموضوع الآن اختراع مذهل ، لكن من الشائع و المعروف أنه يحوى كذلك أفكارا و مواقع ضارة جدا .. كل شئ فيه الجيد و السئ و كل حدث له نتائج بعضها جيد و بعضها غير مرغوب فيه و له أيضا تداعيات سلبية ..



و هكذا ثورة الخامس و العشرين من يناير العظيمة البيضاء ، لها نتائج كلها ايجابية على نحو لم يتكرر فى أى ثورة أخرى عبر التاريخ ، و تداعيات طبيعية و معروفة بل و متوقعة أهمها الملفين الإقتصادى و الأمنى ، فإن نجوت من الموت جوعا فقد تواجه الموت بطعنة خارج عن القانون ، لكن و لكى تبدو الصورة واضحة لك و لنضع كل شئ فى نصابه الصحيح ، فلابد أن تفهم الوضع الإقتصادى فى نظام ( مبارك ) حتى يزول منك الشك فى طبيعته ، و حتى تتأكد أنه كان قد جعلنا فى وضع مزرى للغاية ، و كان لابد أن ينتهى بثورة كاملة حتى يفض هذا الإشتباك ..


و لكى تفهم معى مآسى هذا الوضع الإقتصادى الذى كان يتجه للهاوية ، اقرأ الخطايا العشر لنظام ( مبارك ) كما أحصتها الإقتصادية الخبيرة د . ( عالية المهدى ) عميد كلية السياسة و الإقتصاد :


1 - أهمل ( مبارك ) التعليم و التدريب ، فأصبح العامل المصرى الأقل عالميا .


2 - عدم مراعاة التدرج الضريبى ، مما خلق حالات تهرب كبرى ضيعت على الخزينة العامة المليارات .


3 - إهمال القطاع الزراعى دمر قدرتنا على تدبير احتياجاتنا من السلع الغذائية .


4 - عدم وجود سياسة واضحة لجذب الاستثمارات فلم تزد على 22.5 % من إجمالى الناتج .


5 - عجز متزايد فى الموازنة ليرتفع من 1% عام 1997 الى 8% العام الماضى .


6 - الفشل فى إنجاز أى خطوات لمكافحة الفقر حتى وصلت نسبته الى 20% .


7 - إهمال مراجعة الأجور مما أدى لفروق شاسعة بين الراتب الأساسى و الإجمالى .


8 - ثبات الدين الخارجى عند 34 مليار دولار ، و هو ما يعنى الوصول لحد الخطر .


9 - ارتفاع الدين الداخلى حتى أصبح يعادل 100% من الناتج المحلى الإجمالى و هى كارثة فى الواقع .


10 - تدهور متوسط دخل الفرد مقارنة مع نفقات المعيشة بالنسبة للطبقات المتوسطة و الفقيرة .


كل هذا بالإضافة لإرتفاع معدل البطالة الى 9.4 % خلال العام الماضى ، لم يكن ليحل بأى حال من الأحوال إلا بعمل غير تقليدى خارج عن نطاقى السياسة و الإقتصاد ، و هو ما جاء متمثلا فى الثورة السلمية البيضاء ، التى تعد بمثابة هدية من السماء أنقذت تدهورنا السريع جذريا ، طبعا تعديل المسار للإتجاه الصحيح ليس معناه أننا حللنا كل شئ فى يوم و ليلة ، لكن على الأقل منعنا السياسات الخاطئة التى مورست بمنهجية شديدة يدعمها فساد شره يستند على النظام البائد الذى استمرئ تزاوج السلطة بالمال ، من الحق أن نعترف أن تداعيات الثورة لم يتحملها الإقتصاد السابق ، لكن من العدل القول كذلك أن نفس هذا الإقتصاد كان مصابا بسرطان سريع الإنتشار ، و أن كل نتائج الثورة أذهلت العالم و رفعت رأسنا و سترفعها طويلا فى التاريخ و المستقبل ..


بلا شك أقدم هذا الموضوع لليائسين و كارهى الثورة و ( بتوع عجلة الإنتاج و بسكلتة الإنتاج ) حتى يفرقوا بين النتائج و التداعيات ، و حتى يعرفوا أننا لم نكن فى تقدم إبان الإقتصاد السابق الذى نخره السوس تحت قيادة النظام المنهار ، و أن التقدم الحقيقى ينتظره اقتصادنا الجديد على ايديهم التى يضعونها الآن أسفل ذقونهم مكتفين بمصمصة الشفاه فى حسرة لن تقدم أو تؤخر ، فقط مطلوب أن نتحرك كلنا و ندير عجلة الإنتاج و نبنى ( مصر ) التى هى بأشد الحاجة الينا الآن ..


أكثر من أى وقت مضى ..

تعليقات

المشاركات الشائعة