أتمناها - شعر (محفوظ النحاس)




 فِي صَفَحاتِ الْإِلْيَاذَةِ وَاَلْأوديسَّةِ القَديمَةِ أَبْحَثُ عَنْهَا

أَتَمْناها،
وَسَطَ حَشائِشِ اَلْمَرَجِ اَلَّتِي تَرْتَاحُ عَلَيْهَا الْحُورْيَاتُ
أَتَمْناها،
بِفُسْتانِ سَهْرَتِها الأَسْوَدُ مُمْتَطِيَّةُ رخِها الأَبْيَضُ
مُتَعَطِّرَةٌ بِعِطْرِ فييِنّا
أَتَمْناها،
مُدَجَّجًا بِأربعِ عَشَرَة قِبْلَةٍ
أَتَمْناها،
فِي نَهارِ نِيسِيٍّ تَكْسوه اَلْضِحْكاتُ
أَتَمْناها،
وَلَا يُضِيرُنِي عُمْرُها ، فَلَوْ ارْتَدَّتْ طِفْلَةً
أَتَمَّناها،
وَلَوْ صَارَتْ عَجُوزًا طَيِّبَةً تَفْصَصُ الرُّمّانَ
أَتَمَّناها،
فَإِنْ أَطْلَقَتْ بيَزونَ حَنَقَها، أَتَوَقَّعُ عَصافيرَ عَفْوِها
وَأَتَمْناها،
وَإِنْ نَامَتْ فِي أَحْضَانِ بُسْتَانِي
أَتَمَّناها،
وَأَضَعُ خِطابي المَمْهورِ فِي بِئْرِها، فَلَا
أَتَمَّناها،
وأَضْفَرَ قَصائِدَ حَسَنِها، كَيْلَا
أَتَمَّناها،
وَأُعَبِّرُ مَعَهَا أَسْوارُ المَعْمُورَةِ، وَأَسْقيها مِنْ شَرابِ اَلْسَماوِرِ
مُحَاوِلًا إِبْطاءَ وَجَيْبَ شَوْقِي
فَأَتَمَنَاهَا،
أَرْقَصَ فِي سَماءِ قارَّتِها، مَانِحًا لهفْتِي فُرْصَةً لِلنَّوَالِ
والْهُدوءِ، اَلَّذِي يَشْبَعْنِي مِنْ صَخَبِ جَنَّتِها
فَأَتَمَنَاهَا،
أَتْخِيَّلَنِي مُداعِبًا لِأَقْمارِها قَمَرًا قَمَرًا
وَأَتَمَّناها،
حَتَّى يَقُولَ لِي آخَرُ عُصورِ اَلزَّمانِ:
لَيْسَ فِي دُنْيَا القُلوبِ غَيْرُ قَلْباكما
وَاسْميكما
فَوَقَعًا هَهُنَا بِلَثْمتِيُن، وَضَع الكَأْسِ فِي مِحْرابِكُمَا المُقَدَّسِ
وتَمَنّاها!

تعليقات

المشاركات الشائعة