من البساط السحري إلى عمر أفندي




 

يقول العالم العظيم أينتشاين: "الخيال أهم من المعرفة". وهذه هي الحقيقة العارية، فلولا الخيال ما توصل البشر لأي علم نافع أو اختراع مفيد أو تقدم متطور، لهذا لا يوجد في العلوم نوع اسمه الخيال، لكن يوجد في الخيال نوع اسمه الخيال العلمي، تحية للعلم الذي حول الأساطير والسحر إلى واقع باهر، وحقائق مذهلة لخدمة البشر.

ومع هذا الدور الحيوي لأدب الخيال العلمي، لم يكن أمام فن السينما والتلفزيون –وهو نفسه من مخترعات العلم- إلا أن ينحني إجلالا لهذا الأدب، ويحتفي به في مقطوعات من العبقرية عبر السنين، بداية من تحويل البساط السحري الذي هو أسطورة ضمن ملحمة ألف ليلة وليلة، تتخيل مبكرا الطائرات النفاثة الحديثة، للفيلم الأمريكي البساط المسحور 1951، وانتهاء بمسلسل عمر أفندي 2014، الذي يتناول نوستالجيا العودة إلى عبق الماضي، أو تيمة السفر عبر الزمن. ولن يكون القرن العشرين هو أول فترات استعراض الخيال العلمي، ولن يكون عام 2014 هو آخر أعوام هذا الاقتباس من ذلك المعين المثير للخيال.

فمن قبل القرن العشرين ظهر العبقري جول فيرن، الذي التهمت السينما رواياته من نوعية الخيال العلمي في جشع، لتقدم لنا روائع على غرار رحلة إلى مركز الأرض، والجزيرة الغامضة التي مثل فيها عمر الشريف شخصية كابتن نيمو الشهيرة، وحول العالم في 80 يوم، وذلك على سبيل المثال، يليه هربرت جورج ويلز وتحفه الخالدة مثل الرجل الخفي وآلة الزمن، ثم ثالثة الأثافي في تلك المرحلة المبكرة –الكلاسيكية- وتيمة العالم المفقود، رواية الكاتب آرثر كونان دويل التي قدمت بتنويعات لا تحصى.

إلا أن القرن العشرين هو الأب الروحي للخيال العلمي في السينما والتلفزيون، فهو مرتبط بالحداثة والقفزة التكنولوجية السريعة والهائلة التي حدثت فيه على نحو أشبه بالطفرة، وتتسيد الأجهزة والماكينات المتطورة هذه الحداثة بطبيعة الحال. لقد قرأتُ في ألف ليلة وليلة –في حكاية الحكماء الثلاثة- قصة الفرس الآلي المزود بزرين على جانبيه، واحد يجعله يصعد للفضاء وآخر يجعله يهبط فشُدهت ودُهشت، أليس هذا هو مفهوم الروبوت المعاصر؟ إن المسيرة الجوية المزودة بالذكاء الصناعي تجعلها أقرب لهذا الفرس الأسطوري، وذلك قبل أن يبتكر الكاتب التشيكي كارل تشابك مصطلح روبوت بقرون.

وأشهر هذه الآلات خفيفة الظل الروبوتان C-3PO وR2-D2 في سلسلة جورج لوكاس حروب النجم، اللذان جسدا تقريبا شخصيتا لوريل وهاردي، أما المعقدة الرهيبة منها فالكمبيوتر هال في الفيلم الأيقوني 2001 أوديسة الفضاء، وروبوتات سلسلة أفلام المدمر بطولة شوارزينيجر، والشرطي الآلي الذي قدم لأول مرة سنة 1987، وطبعا المحبوبين من الروبوتات وعلى رأسهم أبطال فيلم ذكاء صناعي 2002 الذين أعشقهم. 

أما أكثر فكرة شعبية، خصوصا مع ظاهرة الأطباق الطائرة الغامضة التي لا نجد لها تفسيرا إلى اليوم، فهي طبعا الغزو الخارجي للأرض... هناك العديد من أنواع الخيال العلمي التي أصبحت تطبق بأثر رجعي على أعمال فنية سابقة، مثل فيلم العالم المذهل لجول فيرن 1958، المصنف ضمن الخيال العلمي البخاري -أي الذي يدور في العهد الفيكتوري- رغم أن المصطلح نفسه تم صكه في الثمانينات، وغيرها من أنواع الخيال العلمي مثل الغرب الفضائي، الخيال العلمي الحراري، أوبرات الفضاء، الخيال العلمي العسكري، الخيال العلمي القوطي، الأرض الميتة، الأرض البديلة، الخيال العلمي الحيوي، السايبربونك، الديزل بونك، الخيال العلمي الفانتازي.. وغيرها، وكل تصنيف له روايات وأفلام ومسلسلات ومجلات كوميكس لاحصر لها.

الخيال العلمي عالم بأكمله. بِكر. نحتاجه في عالمنا العربي.

 

 

عصام منصور

تعليقات

المشاركات الشائعة