لقاء مع كاتب رعب : 5 goodreads - review




لقاء مع صديق الرعب !

من جديد شهادتى مجروحة فى هذا الريفيو ، وإن كانت مجروحة قيراطا مع كاتب صديق ، فهى مجروحة 24 مع توءم روحى " حسن الجندى " .. لكننى سأحاول ها هنا أن أتحرى الحياد والقسوة، وهو شئ صعب جدا مع " الجندى " بالذات .

ولأنها مجموعة قصصية ، فأفضل أسلوب هو تناول كل قصة على حدة ..

1- جلسة تحضير :
قصة تصلح للترجمة بشدة .
منذ القصة الأولى يتأكد لدى ما سبق وأكدته مرارا، ثم أشاد به الجميع فيما بعد، وهو تفرد " حسن " المطلق فى مجاله ( الرعب المحلى )  أو ( رعب الطقوس ) .. يشبه الأمر مجموعة من الأصدقاء الذين يعملون فى مجال ميكانيكا السيارات، ويلتقون يوميا على مقهى بحكم الصداقة، ولكنهم لا يصغون بكل اتنباههم إلا لواحد فقط منهم، لأنه يعمل رائد فضاء، هنا الكل يحب الإستماع اليه بسبب خصوصيته الطبيعية، وتميز مجاله الواضح عن بقيتهم ..
لن أذيع سراً إن قلت أن " حسن " مر بتجارب مثيرة حقيقية فى عالم الجن، قد يتفاجئ البعض لكنى لن أفشو تفاصيل أخرى بدون استئذانه بالقطع.. ما أحاول الإشارة اليه أن هذا الرجل له قدرات خاصة بحق فى كتابة هذا المجال، ولا ريب أن جل من قرأ له قد لاحظ هذه اللغة المخيفة المبثوثة لنا عبر أوراق الكتب القديمة شبه المهترئة، والتفاصيل المرعبة التى يتلوها علينا فى عالمه ورواياته ذات الميول الخرافية التراثية..
وفى هذه القصة الإفتتاحية ( جلسة تحضير ) ، يتناول ( حسن ) فكرة هذه الجلسات من زاوية جديدة، لم يتناولها كاتب مصرى وربما عربى من قبل، منذ أن قص علينا الراحل ( أنيس منصور) لأول مرة سبيل التحضير باستخدام السلة فى كتابه الشهير ( أرواح وأشباح). كانت إدارة مباحث أمن الدولة في مصر تبحث عن السفاح عن طريق السلة التي كانوا ينادون عليها في الشوارع (سلة أنيس منصور) !
وإذا سمح لى " حسن " فسأعطى كل قصة تقييم شخصى بحت ، وهذه أمنحها: 8/10

2- حاكم الجان :
القصة ذات أقوى نهاية .
لاحظت تكرر الإسمين ( محمد ) و( سامح ) فى مسميات أبطال هذه القصة أيضاً، بل أن ( محمد ) سيتكرر فى قصتين أخريين، ولسبب ما شعرت أن الكاتب يستوحى الأسماء فى طول قصص المجموعة من أشخاص حقيقيون ..
حبكة هذه القصة من طراز ( دعنى أخدعك مرتين ) الشهير، وهى حبكة مفضلة لدى الكاتب، أنت درست أسلوب الكاتب فى القصة الأولى، إذن ستحاول التذاكى، هكذا تسقط بيسر فى اللمحات التى تركها لك المؤلف فى بدايات القصة الثانية، وتستنتج ما يحاول هو بالضبط دفعك اليه، ومن ثم يفاجئك باختلاف النهاية عما توقعت تماما.. وهو طراز قوى التأثير، ولا ينجو منه فى المعتاد أعتى القراء .. تستحق 9/10 لكن عدم تفسير السبب الحقيقى لشعور البطل بانفتاح الأبواب بمفردها ، ولو حتى بأنه شعور خاطئ جعلنى أمنحها 8/10





3- ضيوف المقابر :
قصة نشرت من قبل فى مجموعة ( أعذرينى .. ومخاوف أخرى ) الجماعية . وكانت مقسومة جزئين 1 (أحداث غريبة) 2 (حكاية ضيوف المقابر).
أطول قصص المجموعة 28 صفحة .
من الطبيعى أن يلحق جو المقابر الكئيب بعالم الجن المرعب والمثير، ومشكلة أسلوب الدفن المصرى، أنه يبعث فى النفس ذكريات سوداء مستمرة، فنحن لسنا كالأجانب فى تخصيص عمال وموظفين للقيام بدفن صحى آمن أنيق، بل أننا ندفن جثامين موتانا بأنفسنا، خاصة فى المناطق الشعبية وفى الأرياف، ونغوص فى المقابر الرطبة بأقدامنا، ونستنشق الهواء العطن ونعبه عب .. كملاحظة أخرى خارج الرعب الكئيب الذى ستشعر به حتما، لم أرى تفسيرا واضحا لكيفية فتح وغلق قفل المقبرة على أيدى الشطار، والذى فتحته الشرطة بمفتاح الوالد ! وهذا بدوره سيجعل الدرجة 8/10 ، رغم أنها تستحق 9/10 بجدارة .



4 - لقاء مع كاتب رعب :
القصة الرئيسية .
من جديد التعاويذ والطلاسم والأحجبة والأرصاد والأعمال .. هذا عالم لن تمل منه أبدا، ولن تتوقف عن الإستلذاذ بالإرتعاب منه، وعن مواصلة القراءة رغم القلق .. والقلق هو الخطوة الأولى فى درج الرعب الخشن ..
هنا مزج آخر بين عالم أدب الرعب ، وعوالم أدباء الرعب أنفسهم .. وكما لقبت صديقى كاتب الرعب علاء محمود بـ ( علاء كينج ) نسبة الى كاتب الرعب الأغزر انتاجا ( ستيفن كينج ) ، يمكننى منح حسن لقب ( لافكرافت مصر ) بضمير مستريح ..
وبمناسبة الحوار الثرى الذى قاله الكاتب فى الكافيتريا، فى استعراضه نقاط مقارنة الرعب بالعلم، يقول (لافكرافت) نفسه : (( الحياة شيء كريه ..وتظهر لنا من كوامن مانعرفه عنها ...تلميحات شيطانيه للحقيقة ..وتجعل الحياة ..احيانا ..اشد كراهية ...والعلم الذي يخنقنا دائما باكتشافاته المذهلة ...يمكن ان يدمر النوع البشري في النهاية ....لأن مايكمن فيه ..من اصناف الرعب التي لم نعرفها بعد ..قد لايتحملة عقل من عقولنا الفانية ...)) 
الإستدعاء أصبح شيئا محببا يا رفاق، وأنا شخصيا سأستدعى توءم روحى وقرينى البشرى : الوحا الوحا العجل العجل الساعة الساعة .. تعال يا " حسن " !
أمنحها 9/10

5- صفير الشيطان :
قصة نشرت من قبل فى مجموعة ( أعذرينى .. ومخاوف أخرى ) الجماعية .
هناك إهداء .. لكنى حقاً لم أفهمه !
هنا خادم جن آخر يبدو أنه لا يجيد المزح كسابقه، لا يجيد المزح على الإطلاق حتى أنه يبدأ فى القتل بطريقة مرعبة.. هنا أيضا كلمات من الطراز الذى لا يحبب قرائته بصوت مسموع، الطراز الذى أغرى كاتب أدب الرعب الأشهر د. أحمد خالد توفيق، كى يضع له " أسطورة الكلمات السبع " رقم 42، وخيراً فعل " حسن " بإضافته هذه القصة الثانية فى مجموعته الشخصية الأولى، أنا كذلك سأضم قصصى المنشورة فى كتب جماعية متناثرة فى مجموعتى الشخصية الأولى بإذن الله، ورغم قراءة ( صفير الشيطان ) للمرة الثانية، إلا أن نفس درجة التوتر شملتنى، خاصة أننى فى ليلة قراءتها الفائتة تلك، كنت أسمع أصوات نباح كلاب كثيرة على غير العادة فى شارعنا الهادئ، وكانت الساعة الثالثة والنصف بعد منتصف الليل !
أمنحها 7/10

6- حشيش أصلى ! :
القصة الأخف دماً !
انخراطة مفاجئة منعشة صوب الكوميديا الفانتازية، وأسلوبها مناسب لقطاع ذكورى واسع من جمهور " حسن " متعدد الذائقة.
أمنحها 6/10

7- مسرحية الدم :
القصة الأقوى .
ملاحظة ملحة : اسم (أنور) تكرر مجدداً. القصة هنا من طراز ( دعنى أخدعك مرتين ) إياه أيضا، وهى الأفضل تقريبا .. جو الكاتب والمسرح عاصرته شخصيا مع " حسن " فى دنيا الواقع، مع صديق وممثل مسرحى وكنا فى مسرح تابع للدولة أيضا ! أى أن الرجل يستقى أحداثا واقعية ، ويستوحى من تفاصيل حقيقية ، ليحول هذه المشاهد الى هذه التحف السحرية المكدسة بالوصف الواقعى والدراما .. أحسنت يا صديقى العزيز .
أمنحها الدرجة النهائية 10/10

والمجموعة بشكل عام صغيرة نسبياً، أنهيتها فى جلسة واحدة، والغلاف جيد ومبتكر للصواف، وأحياناً فى الغرب يضع المؤلفين صورهم الحقيقية على أغلفتهم، أتذكر تجربة مصرية للكاتبة السكندرية الكبيرة (صافيناز كاظم)، وغلاف كتابها الروعة "رومانتيكيات" - الغلاف لا الكتاب - عن دار الهلال، ولكن ربما هذا فى طبعة لاحقة للمجموعة الجميلة، خاصة وأن هذه الفكرة متوافقة تماما مع العنوان ..
وبالمناسبة الرقم 7 عدد قصص المجموعة ، له سمات خاصة جدا فى سحر الأعداد ، فالرقم 7 يستمد قوته الغامضة من كونه يشير إلى عدد قبائل الجن(عددها سبعة وفق بعض الأساطير المحلية), ولأن الجن هم أصل المعتقدات السحرية كلها لدى المغاربة تحديدا،فإن العدد سبعة يحظى لديهم بقيمة سحرية فريدة من بين غيره من الأعداد، وهناك أبجديات سحرية أخرى مثل «السبع خواتم»، السالفة الذكر، التي تتضمن «خاتم سليمان» ..

بانتظار لقاءك الذى طال غيابه هذه المرة يا " حسن " ، وأتمنى لك كل التوفيق، وأسمى النجاح، وأنجع المجد، وخلاصة السعادة.

عصام منصور
22/4/2013

رابط الريفيو الأصلى على الجود ريدز :



تعليقات

المشاركات الشائعة