هل هانت مصر عليهم ؟

يقول الكاتب الكبير د . نبيل فاروق فى مقال سياسى شبه تنبؤى قبل 48 ساعة فقط من أحداث اعتداءات الجزائريين على المصريين فى أحداث مباراة الخرطوم الفاصلة المؤسفة ، فى عرضه لمشاكل عدم اهتمام السفارات بالمصريين فى الخارج :



هذه الرسالة وجعت قلبي، وأدمته كثيراً؛ لأنها رسالة أب فقد ابنته، وهي علي قيد الحياة، وبأتم صحة وعافية، فقط لأنه مصري، يحيا تحت علم ألمانيا، التي اغتالت مروة، والتي تختطف الآن ابنة هذا الرجل، باعتبار أنه عربي.. وحتماً إرهابي..
أسامة جلال بهجت، مصري مسلم، سافر منذ سنوات عديدة إلي ألمانيا؛ بحثاً عن لقمة عيش شريفة، مثله مثل آلاف غيره، يمتلئ بهم العالم، وتزوّج هناك من عربية، حصلت علي الجنسية بزواجها منه، وأنجبت له طفلتهما الوحيدة ياسمين، قبل أن يختار الله سبحانه وتعالي الأم إلي جواره، ويترك ياسمين في كنف والدها، الذي حاول المضي في الحياة وحده، ولكن الحمل ثقل عليه، فتزوّج من ألمانية، وعاش معها ومع ابنته حياة هادئة.

إلي هنا والقصة جميلة، ورومانسية، وتنتظر فقط تتر النهاية.. ولكن أسامة لم يحتمل البقاء في ألمانيا للأبد، وأراد لابنته أن تحيا تحت سماء وطنه، وتكتسب عاداته وتقاليده، وتتشرب سماته..

وهنا انقلبت الدنيا ولم تقعد...
زوجته الألمانية رفضت بشدة التخلّي عن الطفلة، التي هي ليست ابنتها، وأصرّت علي الاحتفاظ بها، وتربيتها علي النمط الأوروبي، وعندما اعترض أسامة علي هذا، وأصرّ علي العودة بابنته إلي مصر، جن جنون الزوجة، ورفعت سماعة الهاتف، وطلبت الشرطة، وأبلغتها أن زوجها عربي، يضرب ابنته ويسيء إليها، ويريد أن يعود بها إلي وطنه، ليوسعها ضرباً، ويزوّجها طفلة، أو يحوّلها إلي جارية.
وبسرعة، وبدون التحقّق من الأمر، ومن صحة البلاغ، ولأنه عربي، انقضّت الشرطة علي منزله، وأخذت منه ياسمين بالقوة، ورفضت أن تخبره حتي بمكانها، وقرّروا تحويله إلي المحاكمة، دون السماح له بالدفاع عن نفسه بحرف واحد.

ولأن أسامة مصري «ولأنه يعيش خارج مصر منذ زمن طويل» ولأنه لا يعرف ما الذي فعله به نظام الحكم الحالي «فقد هرع إلي السفارة المصرية ينشد الحماية» خاصة أنه وابنته يحملان الجنسية المصرية وحدها «والمفترض أن أي دولة وأي نظام حكم محترم» يرعي رعاياه ويدافع عنهم ماداموا خارج حدوده.
ولكن ردود الفعل في الواقع كانت مؤسفة للغاية ـ كالمعتاد ـ فلا السفارة «ولا القنصلية» ولا حتي وزارة الخارجية المصرية فعلت شيئاً...
وجن جنون أسامة «وهو يري ابنته المصرية تضيع منه» في بلاد الغربة ووطنه يأبي أن يساعده علي استعادتها.. بل إن بعضهم أخبره صراحة أن « مصر لن تخسر علاقتها بألمانيا من أجله أو من أجل ابنته»..

الأمر إذن هكذا!..
مصر لن تخسر علاقاتها مع ألمانيا الشقيقة من أجل المصريين!

من أجل من إذن ينبغي أن تتحرّك مصر؟!...

من أجل من؟!..


من أجل رجل واحد «أم أسرة واحدة» أم حزب واحد؟!...


من أجل من أيها السادة سترفع مصر هامتها


«وتعلن كرامتها وتحمي مواطنيها؟!.. من أجل من؟!... أسامة عائد الآن إلي ألمانيا؛ ليواجه محاكمة ألمانية»

ترفض أن تعطيه ابنته (المصرية)؛ بحجة أن زوجته ادّعت أنه يسيءمعاملة الصغيرة ولو أن الدولة ترفض أن تدعمه؛ لأن زمن الرجال ولّي وانتهي «فعلينا نحن كشعب أن ندعمه» وأن نعلن في كل المحافل «وبكل السبل» أننا لا نقبل أن تبقي بناتنا في بلاد أخري «تربيهن علي تقاليد لا تناسبنا» أو ديانات لم يولدن بها «فكلنا لنا أبناء» ونعرف كم يوجع هذا...

إذا كانت مصر «بشعبها وبناتها قد هانت عليهم» ولا تستحق وقفة قوية محترمة من الحكومة والنظام المتخاذل دوماً فهل سنسكت نحن كشعب؟!..


هل..؟!


د.نبيل فاروق

تعليقات

المشاركات الشائعة