الفصل الثانى: قنبلة .. دكتور (فخرى)
دكـتور ( فخرى ) .. Dr.Fakhriy
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
« لا ينبغى إصابته فى
مقتل » ..
*
* *
السابعة و النصف مساء
.. شوارع ( قاهرة ) المستقبل ..
قال ( رءوف ) لـ (
نـادر ) :
- كما توقعت .
استمع اليه ( نادر ) و
هو يراقب عمل ( سمير ) فى ذراعه ، و هو يستطرد :
- لن تجد شئ أبداً لدى
هؤلاء المأجورين ، بعد قراءة أفكار من ( ماجدة ) لأحدهم ، أوقفنا مطارداتنا الغير
مجدية .. ماذا بشأنك ؟
قال ( نادر ) و ( سمير
) يوقف له النزف تماماً :
- لقد قادنى القدر
للعثور عليه ، لكنه هرب بسيارته المستأجرة مضحياً ببابها .
سأله ( رءوف ) فى
اهتمام :
- كيف علمت أنها
مستأجرة ؟
ناوله بطاقة بلاستيكية
صغيرة ، تطبع فوراً بالكمبيوتر :
- لقد اضطر للتخلص من
معطفه كى أحرره ، فلم أجد فيه ما يفيد سوى إيصال تأجير السيارة ، من تلك الشركة
بوسط المدينة .. فر الجبان .
التقط ( رءوف ) جهاز
إتصال عسكرى قائلاً :
- سأطلب طوافة سريعة .
قالت ( ماجدة ) فى شك
:
- قد لا يسلم السيارة
فوراً .
ألقى ( سمير )
بالرصاصة التى استخرجها محدثاً رنيناً مميزاً و غمغم :
- و قد يفعل على الفور
.. لا تنسى الباب المنزوع ، رجال المرور فى العاصمة أكثر قسوة من أى مدينة أخرى ،
و سوف يسببوا له الكثير من المضايقة .
مال ( رءوف ) لوجهة
نظر ( سمير ) ، فطلب الطوافة و ألقى نظرة على ( هالة ) التى تقود سيارة عمليات
الفريق ، قائلاً :
- لن نكتفى بهذا بل
سننشر أوصاف السيارة لكل نقاط المرور فى المنطقة ، قبل أن يبتعد كثيراً .
ثم أردف لتحميسهم :
- سيعرف من نحن يا
رفاق .. سيعرف بعنف .
*
* *
« أيتها السيارة
البغيضة ! أهذا كل ما لديك من سرعة ؟ » ..
راح محرك سيارة
الدكتور ( فخرى ) يهدر بصوت خشن ، و كأنه يعترض على سرعة العالم ، الذى راح يفكر
فى قلق فى كل إحتمالات تعقب الفريق الأمنى له ، مما سيفشل خطة تحديه لهم ، لكنه
وثق فى عبقريته ، و هو يرمق المسار العكسى المرن ، عكس مساره هو البطئ ..
و على مسافة 50 متر
تقريباً ، شاهد الدكتور ( فخرى ) ذلك المشهد ..
أحد ضباط المرور يتلقى
محادثة هاتفية ، ثم يشير لزميله لمكان الباب المخلوع بسيارته ، قبل أن يهرول
كليهما تجاهه ..
و بسخط ممتعض غمغم
الدكتور ( فخرى ) ، و هو يضغط دواسة الوقود بقوة ، بعدما أدار المقود :
- سحقاً لكل شئ !
و وثب بسيارته عبر
الفاصل النحيل بين المسارين ، و المزروع بأناقه ، منطلقاً فى عكس مسار الحارة
الجديدة ..
فى وجه تيار السيارات
مباشرة ..
و تفادته شاحنة مسرعة
فى الطريق المرن ، ثم تفادى هو – بصعوبة – سيارة صغيرة كانت تنطلق كالصاروخ ، و
راح يناور بإنحرافات جزافية بالغة الخطورة ، كما لو كان جرئ أو مجنون ، و سائقوا
السيارات يصرخون فى ذعر غاضب ، ثم يرتطمون ببعضهم ، أو ينقضون على رتل السيارت
المتوقف فى المسار الأول ، أو يحتكون به مطلقين شرارات قوية ، ممزوجة بسباب بذئ ،
أو ينقلب البعض منهم عدة مرات بعد محاولة تفادى فاشلة و مخيفة ..
حتى انحرف هو الى شارع
جانبى شبه خال ، و هو نفسه غير مصدق لإفلاته من عشرة حوداث مميتة بأعجوبة ..
لكن شعوره هذا اختفى
فوراً مع رؤياه لتلك الطوافة ..
أدرك أن راكبيها مصرون
على الإيقاع به ، و أنهم يكفيهم إغلاق المنطقة مرورياً ، و محاصرة منافذها بقوات
الشرطة ..
لذا و بعد تفكير سريع
انطلق بالسيارة نحو نقطة حددها فى خريطته العقلية ، و تعقبه الفريق بإصرار ،
وفوجده يغوص بسيارته المميزة فى جراج ضخم من ثمان طوابق ، فارتفعوا بالطوافة
ليحاصروا المبنى من أعلى ، إثر أمر مباشر من ( رءوف ) لـ ( هالة ) قائدة الطوافة
..
التفت ( رءوف ) الى (
نادر ) قائلاً فى جذل :
- استعد لإصابته بذلك
المخدر ، لن يمكنه الهرب من هذا الموقف الـ .. !
بتر عبارته مع اتساع
عينا ( نادر ) ، الذى يشاهد ذلك المشهد المدهش من وراء كتفه ، و عبر الباب المفتوح
..
لم تكن الطوافة قد
تجاوزت الطابق السادس بعد ، عندما اخترقته السيارة المكشوفة خالية ، و انقضت على
الطوافة فى الهواء ..
لم يكن هناك مجال أمام
( هالة ) للدوران بالطوافة ، أو التحرك يمينا أو يسارا ، لذا و كما لو كانت تتوقع
هذا الهجوم ، فقد تحركت أسرع فى الإتجاه الوحيد لتفادى السيارة ..
لأعلى ..
و هوت السيارة بعنف
لتنفجر وسط الشارع ، مثيرة فزع المنطقة ، و التمعت عينا الدكتور ( فخرى ) على وهج
الإنفجار ، و هو يقول بسخرية :
- لا بأس .. لم أحبك
على الإطلاق .
ثم انطلق يعدو بسرعة
تتناقض مع عمره ..
« الهدف يتحرك » ..
كانت ( هالة ) ..
« لاحقيه عن قريب يا (
هالة ) لقد التقتطه » .. ( ماجدة ) فى
حماس ..
مما دعا ( نادر )
ليقول بدهشة ، و هو يجهز مسدس التخدير :
- ألدينا راصدتان هنا
أم ماذا ؟
تجاهله ( رءوف ) و هو
يسأل ( هالة ) بإهتمام و لهفة :
- أيصعد أم يهبط ؟
أجابته فى حيرة عجيبة
:
- إنه يصعد ، رغم عدم
وجود مبان قريبة ، مثلما كان الحال عند موتيل ( الإسكندر ) .
سألها ( سمير ) فى حزم
:
- أمتأكدة انه الهدف
ذاته ؟!
قالت بثقة معتدة :
- بلا شك .
تمتم ( رءوف ) فى قلق
:
- أخشى أن ..!
و قبل أن يتم عبارته
كان الكل قد وصلوا الى سطح المبنى ..
طوافة الفريق ..
و الدكتور ( فخرى ) ..
و أشهر الدكتور ( فخرى
) سلاحه الخاص ، و صوب ( نادر ) مسدس التخدير ..
لكن رصاصات شديدة
التدمير ، انهمرت على مروحة ذيل الطوافة ، ليطيش سهم ( نادر ) بعيداً عن العالم ،
و انخفضت سرعة مروحة الذيل بغتة ، فمالت الطوافة بعيداً عن السطح ، و ( ماجدة )
تهتف بإنفعال لم تقو على كبته :
- رباه .. إنه ينوى
ذلك بالفعل ..!
و صرخ ( رءوف ) بـ (
هالة ) ، مع إنحراف الطوافة مترنحة بعيداً عن المبنى :
- اهبطى بها .. اهبطى
بها حالياً .
صاحت ( هالة ) بثقة
عجيبة ، رغم دوران الطوافة الذى بدا لهم مخيفاً عشوائياً :
- مستحيل .. الهبوط
الإضطرارى فى هذا الشارع سيحطمنا ، لابد من إنزلاق طويل المدى ليخفف من أثر الصدمة
.
كانت تقرن القول
بالفعل ، و هى تميل بعيداً عن المنطقة السكنية ، محلقة بجانبها ، و قد هتف ( سمير
) فى ذعر ، و الطوافة تتجه نحو أحد الكبارى الحديثة ، دون أن تحيد عنه كأنما تنوى
صدمه :
- ياالهى !.. لن ننجو
بلا شك من الإرتطام .
راحت ( هالة ) تحاول
تفاديه بكل سرعهتا و خبرتها ، رغم دورانها المتواصل حول نفسها ، و الطوافة تتجه
نحو الكوبرى بإصرار و كأنما نبتت لها إرادة خاصة بها ، و الكوبرى يقترب بسرعة
مخيفة ..
و يقترب ..
و يقترب ..
و مرق أحد المشاهد فى
ذهن ( نادر ) بتلك اللحظات ، و كأنه ومضة من ذكرياته الماضية ، و كأنه بزغ متأثراً
بالموقف ..
فنهض فى حدة مفاجئة ،
قائلاً فى صرامة عجيبة :
- دعونا نبعد .
ثم أقدم على أغرب ما
رأوه منه منذ بدأت تلك المهمة ..
لقد وثب من باب
الطوافة المفتوح ..
بإرادته الحرة ..
و على إرتفاع مائة متر
و بضعة سنتيمترات ..
*
* *
http://essam-mansour.blogspot.com/2011/12/blog-post_30.html
تعليقات