أنا الشعب - حوار مع الإبن الضال

فيلا 212

 

يبدو القصر من الخارج هادئا كمعظم المبانى الساحلية و الداخلية فى منتجع ( شرم الشيخ ) العالمى و الأفضل فى المنطقة ، أما بالداخل فقد كان الأمر مختلفا تماما حيث يدور ذلك الحوار بين الأب الطاعن فى السن ، الذى غدا أشهر رئيس سابق فى العالم بعد أن خلعه شعبه دون استخدام سلاح كما يحدث فى دول مجاورة ، و بين الإبن الشهير بـ ( جيمى ) و الذى كان ينتظره مستقبل مشرق كمحظوط آخر من أبناء الملوك و الرؤساء فى دول العالم الثالث ، و ضاع كل هذا فى غمضة عين مما جعل أمه تحزن بشدة بعد أن كانت أحلامها متمحورة حول لقب ( زوجة الرئيس السابق و أم الرئيس الحالى ) ، و هذا نص الحوار :

 

الأب : كل من هب و دب الآن يريد أن يترشح للرئاسة ، لقد انتشرت صرعة الحرية فى طول البلاد و عرضها ، و أصبحت أنا شخصيا مهددا بالمثول أمام ( عبد المجيد ) ، فضلا عن اتهامات أخرى لوالدتك بسببك .
( جيمى ) : يا أبى .. لست ملاكا و طموحى كان مشروعا ، هل كان يرضيك أن يذهب تعليمى الراقى هباءا ؟
الأب ( ساخرا ) : لا .. بل تذهب حياتى أنا هباءا .
( جيمى ) : لا تكن متشاءما .. لن يجرؤوا على المساس بك .. أنت تعرف جيدا أننا باقون و موجودون ، لم يزج بنا فى السجون و من قبض عليهم لم يصدر تجاههم بعد حكما واحدا نهائيا .
الأب : كيف تحدثنى بكل هذه البرودة ؟ أمازلت مصرا على أن كل شئ يجرى من حولنا تافها غير ذى قيمة ؟! استيقظ لقد تسبب بعض من شباب ( الفيس بوك ) فى سحق مملكتنا كلها التى كان يحسدنا عليها ملك ( السويد ) شخصياً .. ربما يبدو الأمر مستقرا و ربما بدا لك أتباعنا دؤوبين يعملون على كسر حدة الثورة ، لكن بعد مليونية الإنقاذ فسد كل شئ تماما .. كن عملى لدقيقة و حاول استخدام نفس الأسلوب ، تعرف أننى لست من جيل الفيس بوك جيدا فكن شخص يعتمد عليه .
( جيمى ) : أبى .. ماذا أفعل أكثر مما فعلت ؟ لقد أنشأت صفحة تأييد بشكل غير مباشر و بطريقة ذكية جدا بمساعدة مخابرات الرئاسة ، لكن كل اتباعها لم يتجاوز عددهم ألفى شخص فى حين أن صفحة ( كلنا خالد سعيد ) مثلا تجاوز معجبيها المائة ألف إنسان !
الأب ( بشك ) : ما اسم هذه الصفحة يا بنى ؟
( جيمى ) : اسمها ( أنا من شباب 25 و مش بأيد الثورة ) !
الأب : هكذا .. أقسم بالله أننى لو مازلت فى السلطة لأعدمت الألفى شخص الذين انضموا لها بتهمة الإساءة للأغبياء و تحريض الناس على سبهم بلفظ أكثر سوقية ، و لسجنت كل أهلهم فى معتقل ( الوادى الجديد ) لتلافى توريث جيناتهم لأجيال أخرى لا ذنب لها .
( جيمى ) مصعوقا : لكن .. لكن .. لماذا كل هذا ؟
الأب ( بمرارة ) : لا أصدق أنك ولدى .. كيف بالله عليك يكون هناك شاب من شباب 25 يناير و لا يؤيد الثورة ؟ هل هذا لأنها ثورة ( ليبيا ) أو ( اليمن ) أو ( سوريا ) ؟ ألسنا نتكلم عن ذات البلد ؟
( جيمى ) بعصبية : كنا نعتقد أن هذا سيجعل من شاركوا دون قصد منهم يفهمون أن ……. حسنا لا عليك .. هناك اجراءات أخرى .
الأب : لا تحدثنى بها أرجوك الآن .. علاج الضغط لم يبدأ مفعوله بعد و لا أريد أية انتكاسات ، المشير أوصانى بعدم الخروج من البلد و إلا عادت الفوضى .. ما أخبار ( صفوت ) ؟
( جيمى ) مطرقا : جهات التحقيق كشفت أنه يمتلك 14 فيلا و 10 شركات .. قلت له أكثر من مرة استخدم اسماء وهمية أفضل لكنه كان يفتخر بشجاعته و جسارته ، و تم الحجز على أمواله هو و ( عزمى ) و ( سرور ) بعد ( الفقى ) و ( العادلى ) و ( عز ) .
( جيمى ) يكمل بتهانف : ( عز ) حبيبى !
الأب ( بضيق ) : لا أريد أن أسمع اسمه .. قلت لك أننى لا أريد انتكاسات جديدة لن يمكننا إحضار الطبيب الألمانى يوميا .. بالنسبة للمنطقة هل تم تأمينها جيدا ؟
( جيمى ) : أرجوك يا أبى لم نصل بعد لمرحلة الإختباء خوفا و رعبا ، الحرس الجمهورى يقوم بمهامه بكل تفانى ، بل أن الفريق ( مجدى حتاتة ) قائد قوات الحرس الجمهورى الخاص بنا منذ عام 1993 حتى 1995 مرشح الآن للرئاسة و صفحته الأكبر تجاوز مؤيدوها 800 معجب .. لا تقلق من ناحية البدو لقد قطعوا خط الغاز المصدر المهم لطاقة الأصدقاء فى ( اسرائيل ) أثناء أحداث 25 و قطعوا طريق ( شرم ) الدولى ، لكن رغم ذلك فالحرس يقوم بواجباته على خير ما يرام .. حتى أزمة أسماك القرش تم ايقاف الأوامر بمواصلتها تماما ، بعد أن انتهى الغرض منها الآن و لم يعد ضرب السياحة لجلب مزيد من المعونات أكبر أولوياتنا .
الأب : حسنا .. رجال ( الوطنى ) ماذا فعلوا ؟
( جيمى ) : الآن وضعهم تحسن كثيرا فرغم استمرار الثورة – حسبما يطلقون عليها هؤلاء الأنذال – و زيادة الوعى بين الجميع ، إلا أنهم يعودون للساحة رويدا رويدا تارة فى السر و تارة أخرى فى العلن ، حتى أن اجتماعاتهم فى الصعيد و الدلتا و القناة أصبحت معروفة لكن لا مشكلة الجيش لم يتدخل ، كذلك إزدادت دعوات أولئك الأشرار لحل الحزب ، لكن الحكومة لم تشرع ما يؤيد تلك الدعوات حتى هذه اللحظة ، بل على العكس شرعت ما يجرم الإعتصامات و المظاهرات نسبيا .
الأب : و ماذا عن ( الثوار ) ؟
( جيمى ) : الجريدة ؟ اطمئن يا والدى .. مازال فكر نظامنا الأبوى و منطق تجاهل الصغار قائما ، و هم حسب متابعتى قلة من الكتاب الشباب يدعمهم كاتب أو اثنان من القدامى كـ ( يوسف زيدان ) أو ( ابراهيم عبد المجيد ) .
الأب : أية جريدة ؟ هل أصابك التشوش لهذا الحد ؟ لم يعد ناقصا سوى أن تقوم بالدعاية لهم .. أقصد الثوار الشباب فى كل أنحاء ( مصر ) .
( جيمى ) محرجا : آسف يا أبى .. لكنى لا أسميهم هكذا هم مجرد مجموعة من ناكرى الجميل و ناكرى النعم التى أغدقت بها عليهم طوال 30 سنة من العطاء اللانهائى الـ …!
الأب ( مقاطعا ) : لا فائدة .. لقد سبقك أعوانى فى الإدارة بهذا الأسلوب و الآن أين هم ؟ ما بين محتجز و ملعون من قبل الشعب كله ، و الآن تكرر ذات الأسطوانة المشروخة .. أنت ابن ضال يا ( جيمى ) ، فقد رؤيته و فقد والده و فقد السترة التى كان عليها اسمى و كنت سأكلف الشركة الإسكتلندية بعمل أخرى عليها اسمك .. سؤال أخير : هل اقترب عيد زواجك بـ ( خديجة ) ؟ لا أحب أن أكون سببا فى إحساسها بأن حياتكما الطبعية قد انهارت ؟
( جيمى ) : كما تعلم يا أبى فعيد زواجنا تم فى ذات يوم عيد ميلادك 4 مايو ، و هذا يشير لمدى عظمة يوم كهذا أشرقت فيه الشمس على ميلاد ملك ملوك أفريقيا الحقيقى و ليس ( القذافى ) اللعـ….. !
و هنا كانت مقاطعتة الأب له كالصاعقة ، إذ نقلت المنطقة كلها صرخة واحدة ( كفايااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ) !! .. و فى الخارج على غصن شجرة قريب قال أحد العصافير لزوجته باستياء : لم تعد ( شرم ) كما كانت عليه من هدوء ، و أصبح كل من هب و دب يأتى ليزعجنا .. هيا اجمعى أشياءنا سنرحل !

 




المقال على جريدة الثوار

تعليقات

المشاركات الشائعة